يتواصل في رواق الهادي التركي بحي المهرجان بالعاصمة إلى غاية يوم 12 أكتوبر الحالي،معرض الفنان التشكيلي سعد مهزرس، الذي يبرز من خلاله موهبة عصامية مميزة في الإبداع.

يحمل المعرض عنوان « du guerbisme au Galaxysme « ، استمدّه الفنان من « ال?ربة » التي يستخدمها البدو في تخزين المياه وحفظها للشرب، أما المصطلح الثاني، فيُشير به إلى المطلق أو الفضاء المفتوح اللامتناهي. ويقدم الفنان 44 لوحة تتميز بتقنيات ومواد فنية متنوعة، تتراوح بين الورق المقوى واللصق والأكريليك، مع توظيف الأعشاب الطبيعية مثل « الشيح » و »الإكليل » للحفاظ على الألوان الحية للطبيعة.

وينقل هذا الفنان، الذي ينحدر من قرية شنني الجبلية بولاية تطاوين، عبر ريشته، عوالم تشكيلية غنية تتجسّد فيها الواقعية والتجريب في آن واحد. وتعكس لوحاته تجربة فنية تتجاوز الأبعاد الكلاسيكية للفن التشكيلي لتحمله إلى عوالم لامتناهية فتحرّك فيه ملكة التفكير والتأمّل بحثا عن المعنى الوجودي المنشود.

استمدّت لوحات سعد مهزرس جماليتها من سحر الطبيعة البكر العذراء التي لم يعبث بها الإنسان ولم يُلوّثها، فترجمت مشاعر صاحبها وأحاسيسه وتطلّعه إلى عالم حرّ فسيح تحدوه قيم الإنسانية النبيلة التي تنتصر للطبيعة وللحب والجمال.

يحوّل الفنان بعض أعماله بريشته إلى وجع يسكنه، فكأنه يصرخ عاليا للتعبير عن قضايا الأرض والوطن، إذ يجد زائر هذا المعرض نفسه أمام لوحات مشحونة بالطاقة التي جسّتها الألوان أو الخطوط الحادّة والمنغلقة على الرسومات. لقد كانت أعماله استذكارا للماضي السعيد حيث للحياة البسيطة معنى ووجودا، لكنها تحوّلت مع الزمن إلى رحلة من التيه والضياع في عالم لامحدود ولا متناه من « العتمة ».

ولم تخلُ لوحات سعد مهزرس من الأمل والتعبير عن الضوء وسط هذه العتمة، وهي تجسيد لآمال في مستقبل مشرق وحياة أفضل للإنسانية رغم الواقع التراجيدي.