أسدل الستار، مساء الجمعة بمدينة الثقافة، على تظاهرة « دون كيشوت في المدينة: ضرورة الحلم »، التي استهلّت يوم 10 أكتوبر الحالي، بندوة بعنوان « دون كيشوت من الرواية إلى الفنون »، اقتفى من خلالها ضيوف بيت الرواية بمدينة الثقافة، أثر شخصية « دون كيشوت » في الفنون التشكيلية والمسرح والسينما.
واستهلّ الفنان التشكيلي حليم قارة بيبان أشغال الندوة، بمداخلة بعنوان « مقاربة دون كيشوت تشكيليا: الكوكوت نموذجا »،استعرض فيها مجموعة من اللوحات الفنية والصور الفوتوغرافية، حملت دلالة « الكوكوت » ورموزها، باعتبارها آنية طبخ مضغوطة، ترمز إلى الغليان. وقدم مجموعة من الصور التي تحمل دلالة الغليان.
وتحت عنوان « الاقتباس من الرواية إلى المسرح »، قدّم الدكتور محمد المديوني، مداخلته التي تحدّث من خلالها عن سر اهتمام المسرحيين بـ « دون كيشوت » معتبرا أن شخصية « دون كيشوت » تختزل منزلة لها امتدادات وتحوّل مع التحوّل الوجودي، وكانت في بداياتها المسرحية عملا كوميديا ساخرا، ثم أصبحت بعد الثورة الفرنسية مرجعا لإمكانية التخييل والتغيير والتجديد. وأضاف أن « دون كيشوت » شخصية كثيفة السمات، تقرأ من منطلقات مختلفة.
وذكر الدكتور محمد المديوني أن المسرحيين الغربيين اهتمّوا بـ « دون كيشوت »، في حين لم يهتم بها المسرح العربي لافتا إلى أن العرب لم ينطلقوا من الرواية بلغتها الأصلية (الإسبانبة)، وإنما بعد نقلها إلى اللغة الفرنسية، وعلى ضوء هذه الترجمة، قُدّمت مجموعة من العروض في الثمانينات من القرن الماضي. وقدّم أمثلة منها مسرحية « سيرة شحاتة » للكاتب المصري سمير عبد الباقي، الذي انطلق من شخصية « دون كيشوت » في كتابة المسرحية، ونزّلها في الثقافة الشعبية المصرية.
وأكد الناقد السينمائي الدكتور كمال بن وناس في مداخلة بعنوان « دون كيشوت وإشكالية الاقتباس المستحيل »، أن علاقة السينما بـ « دون كيشوت » وطيدة جدا وأن السينمائيين اهتموا بـ « دون كيشوت » لسبب بسيط هو أن هذه الشخصية مضحكة وهزلية. وشدّد على استحالة اقتباس « دون كيشوت » كاملة في السينما لأنها « عبارة عن حلقات متعدّدة في شكل مغامرات »، بالإضافة إلى جمع الرواية لأشكال روائية عديدة منها « الرواية الفروسية » و »الرواية المغامرة » و »الرواية المتنقلة » و »الرواية الموريسكية ».
وقال إن السينمائيين اهتموا أساسا بالصور الرمزية في الرواية على غرار « طواحين الهواء » و »قطيع الأغنام »، مؤكدا أن شخصية « دون كيشوت » لن تموت مثلها مثل شخصيات سينمائية كثيرة كشخصية « شارلي شابلن ». وبيّن أن النص المكتوب في « دون كيشوت » ينبغي قراءاته بطريقة مغايرة، معتبرا أن هذه الشخصية كتبت في زمن تعيش فيه اسبانيا « تحجّرا فكريا ودينيا ».
واستعرض المخرج المسرحي وليد دغسني تجربته مع رواية « دون كيشوت » التي استوحى منها عمله « ثورة دون كيشوت ». وقال إن إنتاج « دون كيشت الأصلية » مكلف ماديا، ولذلك أعدنا كتابتها انطلاقا من الواقع التونسي.
وكانت الجلسة الختامية لتظاهرة « دون كيشوت في المدينة » التي انطلقت يوم 10 أكتوبر الحالي، مسبوقة بمشهد مسرحي بعنوان « دون كيشوت كما نراه » أداء عبد القادر بن سعيد ومنصف العجنقي، إخراج الشاذلي العرفاوي وإنتاج قطب المسرح والفنون الركحية.
وات