حتضن فضاء المجمع التونسي للعلوم والاداب والفنون بيت الحكمة بتونس يوم الخميس لقاء فكريا قدم فيه الاستاذ جلال الدين السعيدي كتابه « »سبينوزا والكتاب المقدّس الدين والأخلاق والسياسة » بحضور نخبة من الباحثين والجامعيين. واشار السعيدي، بالمناسبة، الى ان فكرة تاليف هذا الكتاب نشأت من كتاب سبينوزا « رسالة فى اللاهوت والسياسة »، وذلك بهدف التعمق فى دراسة بعض افكار هذا الفيلسوف الهولندي الذي عاش فى القرن السابع عشر، وخاصة تلك التي تتعلق بفهم الكتب المقدسة.
وبين ان نقد سبينوزا لهذه الكتب لم يكن ابدا ضد الشعور الديني الباطني ولا ضد قيم التقوى والورع بل ينتقد المؤسسة الدينية ممثلة فى الكنيسة التي استغلت بساطة الناس للسيطرة عليهم وتطويعهم لخدمة أهداف ومبادئ محددة، وفق تقدير المحاضر. واضاف، ان سبينوزا فى كتابه « رسالة فى اللاهوت والسياسة » اطلق مفهوم الدين الحق الذي يساعد على ارساء الدولة العادلة بعيدا عن اي شكل من اشكال التداخل فى النفوذ بين مؤسستي الكنيسة والدولة، وهو يقدم فى هذا المؤلف ايضا نقدا منظما لتأويل الكتاب المقدس واقر منهجا جديدا لقراءة هذا الأخير ينفي عنه المزاعم المتواترة حوله ويدفع نحو التعاطي الجدي معه ومع ما ورد به.
ولاحظ ان اللاهوتيين يرفضون فكرة سبينوزا ويقرون بان الكتاب المقدس جاء ليلقن الناس حقائق ازلية صالحة لكل العصور، عكس سبينوزا الذي يجرد فى نقده لهذا الكتاب المقدس المعجزات من كل طابع غيبي. وأكدا ان سبينوزا يقترح مبدأين اثنين فى منهجية تأويل هذا الكتاب: المنهج الاول يقوم على تأويل الكتاب بالاستناد الى الكتاب ذاته وما ورد فيه بحيث يصبح هذا الاخير مصدرا ومرجعا فى الان نفسه، اما المنهج الثاني، فيستند على تأويل الكتاب على طريقة علماء الفيزياء اي بالاعتماد على الملاحظة والفحص والتمحيص وغيرها، كما يشدد على اهمية فهم اللغة التي كتب بها الكتاب المقدس، لان جهل هذه اللغة، لن يساعد على فهم ما تضمنه، وفق تقدير جلال الدين السعيدي.
وات
