بعد عرض مسرحية « تسونامي » بمهرجان قرطاج الدولي في صائفة 2013، يعود الفنان المسرحي الفاضل الجعايبي إلى مسرح قرطاج الأثري، ليقدم مسرحية « العنف » يوم 6 أوت الحالي.
وأوضح الفاضل الجعايبي، في ندوة صحفية عقدت مساء الثلاثاء بالمركز الإعلامي للمهرجان بقرطاج، أن مسرحية « العنف » متاحة للجمهور بجميع المسارح في البلاد وليست حكرا على مسارح المهرجانات الكبرى، مشيرا إلى أن إنتاج هذا العمل يراعي ظروف العرض في الجهات الداخلية، التي « تفتقد فضاءاتها للمعدات التقنية ولأبسط مقومات العرض المسرحي » على حد تعبيره. وقال الجعايبي في هذا السياق: « أؤمن بالتواصل مهما كانت ظروف العرض، وأعمالي المسرحية متاحة لجميع الفضاءات داخل البلاد، وليست حكرا على مسارح المهرجانات الكبرى ».
الفاضل الجعايبي الذي يشغل حاليا منصب مدير المسرح الوطني التونسي، تحدث أيضا خلال هذا اللقاء الإعلامي عن مشروع مسرحي جديد من إنتاج المسرح الوطني، سينطلق في إعداده الشهر القادم، دون أن يقدم تفاصيلا حوله، كما نفى إيقاف عروض مسرحية « العنف » خلال مرحلة الإعداد للمشروع المسرحي الجديد، وتوقع أن « تستمر عروض « العنف » لخمس سنوات أخرى »، على حد تقديره.
وحول اقتصار برمجة المهرجانات على مسرحية « العنف » دون بقية إنتاجات المسرح الوطني، قال مدير الإنتاج بالمسرح الوطني التونسي أسامة الجامعي، إن الأعمال المسرحية التي تم إنتاجها منذ سنة 2014، وقعت برمجتها بعدد من المهرجانات في دورات الصائفة الماضية، وقدمت هذه الأعمال أكثر من 160 عرضا.
ومسرحية « العنف » للفاضل الجعايبي وجليلة بكار ، هي عمل مسرحي يتطرق إلى ظاهرة العنف المتفشية بتونس بعد الثورة، وقد قدمت أولى عروضها في نوفمبر 2015 بقاعة الفن الرابع بالعاصمة.
وحاول الجعايبي من خلال هذا العمل الفني إبراز أن العنف خاصية إنسانية تشمل جميع المجتمعات بغض النظر عن الجنس أو الدين أو الثقافة… ويسلط الضوء على « إبداعات الإنسان » وأساليبه المتنوعة في ممارسة العنف.
كما تخلل هذا العمل أيضا « مشاهد بوليسية »، حاول من خلالها الجعايبي التطرق إلى أسباب حدوث جرائم بشعة وأعمال عنف من منظور أمني، دون أن يتغافل عن « الجانب الوحشي لأعوان الأمن أنفسهم » أثناء القيام بانتزاع اعترافات المتهمين بمراكز الإيقاف.
واستعانت مسرحية « العنف » ببعض أحداث العنف الأليمة التي شهدتها البلاد، لتتطرق إلى « الجانب الحيواني والوحشي للإنسان » وتقف على قبح المناظر بإبراز بشاعتها، وتعري الحقيقة الوهمية والزائفة التي كانت تتزين بها.
ولئن أقر مخرج مسرحية العنف في بعض المواقف من العمل على لسان الشخصيات أن « سر الحياة هو الحب وأن الحب شرط أساسي في الحياة »، إلا أن التوجه العام الطاغي على المسرحية هو الموت والظلمة والسواد وغيرها من المشتقات الدالة على العدم والفناء.
ولعل العناصر المكونة للركح من ديكور وأكسيسوارات وملابس الشخصيات وطغيان اللون الأسود وما شابهه، تحيل جميعا المتفرج على معنى الموت، وشكلته منافذ دخول الممثلين وخروجهم من خشبة المسرح، حيث أرادها المخرج أن تكون هذه المنافذ رمزا للمقبرة والعدم.
وحافظ المخرج على أسماء الممثلين، لتكون هي نفسها أسماء الشخصيات التي جسدت أحداث هذا العمل، واستطاع الممثلون أن يراوحوا بين ما يعرف في المسرح بـ « الشخص والشخصية » والتداول على هذه المراوحة والمزج بينهما حد التوحد، دون أن يؤثر ذلك على عملية الفهم لدى المتلقي. وهذا التداول على تقمص الممثل لأكثر من شخصية، تفسره الممثلة فاطمة بن سعيدان بـ « التداول المقصود في المسرحية، لنبين أن الإنسان تسكنه جملة من التناقضات تجمع بين الحب والكراهية والسلم والعنف ».
مسرحية العنف التي ألفتها جليلة بكار وأخرجها الفاضل الجعايبي، تقمص أدوارها نخبة من المسرحيين التونسيين هم جليلة بكار وفاطمة بن سعيدان ونعمان حمدة، بمشاركة ثلة من الممثلين الشبان من خريجي « مدرسة الممثل 1″ التابعة لمؤسسة المسرح الوطني، وهم ولبنى مليكة وأيمن الماجري ونسرين مولهي وأحمد طه حمروني ومعين مومني.
جدير بالذكر أن « العنف » ستقوم بسلسلة من العروض بعدد من المهرجانات هي: مهرجان قرطاج الدولي يوم 6 أوت، فمهرجان صفاقس الدولي يوم 8 أوت، يليها مهرجان الحمامات الدولي يوم 12 أوت، ثم مهرجان سوسة الدولي يوم 14 أوت ومهرجان بنزرت الدولي يوم 16 أوت.