مثل الـ »وان مان شو » والممارسة المسرحية في تونس، محور لقاء فكري احتضنه المركب الثقافي بالمنستير مساء السبت ضمن فعاليات الدورة 23 لمهرجان خليفة السطنبولي للمسرح التي نظمتها المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بالمنستير من 14 إلى 22 أفريل الجاري.
واعتبر المؤلف المسرحي عز الدّين المدني أنّ المسرح التونسي اليوم « في انحطاط وتدهور مستمر »، قائلا « لا يوجد حاليا من يقدم الـ »وان مان شو » في تونس »،وبيّن أنّ « القضية لا تكمن في المصطلح المستعمل، بل في مدى قدرة الممثل على تجسيم أدوار مختلفة ومتقاطعة ».
وقال المخرج حمادي الوهايبي إن نجاح الأعمال المسرحية من نوع « وان مان شو » جماهيرا، ساهمت فيه بشكل كبير القنوات التلفزية. وتطرق غلى خصوصيات المفاعيم والمصطلحات، مبينا أن « المونولغ » هو جزء من المسرحية بينما « المونودرام » نص قائم بذاته. ودعا في السياق ذاته إلى التصدى لما وصفها بالثقافة الموازية والإعلام الذي يسوق لنفس الوجوه المسرحية، بحسب رأيه.
وذهب المخرج فوزي اللبّان إلى اعتبار أنّ « ما هو موجود حاليا من أعمال على الساحة في تونس، لا يعتبر ممارسة مسرحية »، إذ تغيب فيه مقوّمات المسرح ولا يتوفر فيه البناء الدرامي والفعل والصراع سواء مع الذات أو الآخر الخارجي كالقضاء والقدر أو الطبيعة أو شخص آخر أو المجتمع فالمسرح فنّ درامي فإذا غاب الصراع، غابت الدراما بحسب تعبيره.
وتحدث عن وجود مشكل في المصطلحات المستعملة، مبينا أن ما قدمته زهيرة بن عمّار وما قدمه كمال التواتي في « مرياح » وسالم اللبان في « كونجي » هو « مُنُودْرَامَا ». ولتجاوز هذه الوضعية لابّد حسب رأيه من تدخل جدي كم من وزارة الإشراف، التي دعاها إلى فرض أعمال أخرى، الى جانب الـ »وان مان شو »، على المؤسسات الثقافية والمهرجانات الراجعة لها بالنظر، ليتسنى للجمهور المقارنة بينها بحسب مقترحه.
وبيّن أنّ في الـ »الوان مان شو » لابّد من دراسة الشخصية المسرحية التي لها ثلاثة أبعاد الجسدي والنفسي والاجتماعي ولها ماض وحاضر ومستقبل ولها موروث فكري، مؤكدا أنّ الذين يقدمون ما يسمى بالـ »وان مان شو » لا علاقة له بالمسرح وهم يعرفون ذلك تماما غير أنّهم يقومون بذلك فقط لتحقيق الربح المادي، وفق قوله.
وبرأ المخرج الحبيب القردلي ساحة المسرح من عبارة الـ »وان مان شو » الذي هو في نظره »جملة من الاستطرادات والأحاديث والمفردات ليست واردة بشكل درامي يحترم مقومات الدراما » مؤكدا أنّ ذلك لا يمت للممارسة المسرحية بصلة.
وبيّن الناقد والصحفي المصري خالد سليمان أنّ هناك اختلافا بين « المونودراما » والـ »وان مان شو » أين تكون هناك شخصية واحدة والتطور يكون داخل شخصية واحدة أمّا في « المونودراما » يمكن للممثل أن يجسد أكثر من شخصية. واعتبر أنّ الـ »وان مان شو » في تونس منذ فترة ما بعد « الثورة » المتسمة بالفوضى بحسب رأيه، هو « حالة من الابتذال والرداءة ». واعتبر أن ما يقدم على أنه « وان مان شو » يحمل إساءة إلى المسرح التونسي الذي كان مسرحا مبهرا وجميلا ومتقدما ومتطورا مع توفيق الجبالي ورجاء بن عمّار وعز الدّين قنون حيث كان هناك اشتغال على الجسد، في الوقت الذي كان يقدم فيه في مصر مسرح كلاسيكي يشتغل على النّص والدراما. مضيفا أن المسرح التونسي زمن هؤلاء المبدعين، حفّز عدة مخرجين في مصر كنصر عبد المنعم وانتصار عبد الفتاح لتقديم أعمال مماثلة مشيرا إلى أنّ الـ »وان مان شو » في مصر يقدم بمفهوم « المونودراما ».
واعتبر المخرج علاء الدّين أيوب أنّ الـ »وان مان شو » فرض نفسه كظاهرة فرجوية وتجارية ربّما مقلقة انحرفت بالأداء المسرحي خاصة لدى الجمهور الذي أقبل عليها بكثرة، ظنا منه أنّها بديل للمسرح خاصة لأن ّهذه العروض تحظى بالبرمجة في المهرجانات باعتبارها تجلب الجمهور، وتنسى هيئات هذه المهرجانات المسرح الحقيقي في تقديره.
وأضاف أنّ هذه الظاهرة « تدل على تدنى الذوق المسرحي »، مفسرا ذلك بوجود أزمة كبيرة، قائلا إن « بعض المسرحين وغير المسرحيين انتهجوا السهولة وطريق الشهرة والنجومية التي تصنعها الفضائيات واستغلوا تلك الشهرة لتقديم أعمال أحيانا لا ترتقي إلى المستوى المطلوب »، داعيا إلى التفكير الجدي « لإعادة الأمور إلى نصابها » وفق تعبيره.
وات