أهمية وجود أدب يسلط الضوء على الخيال العلمي والفنتازيا التاريخية، وتشخيص واقع هذا النوع من الأدب، والتحديات التي يواجهها والمعايير اللازم اتباعها من أجل إيجاد قالب أدبي جديد يلغي « سطوة التقليدي » في الأجناس الأدبية، هي أهم النقاط التي تم استعراضها خلال ندوة بعنوان « السحر والكتابة » التأمت ضمن فعاليات الدورة السابعة والثلاثين من معرض الشارقة الدولي للكتاب التي افتتحت يوم 31 أكتوبر وتتواصل الى غاية يوم 10 نوفمبر 2018 تحت شعار « قصة حروف ».
وشارك في هذه الندوة، كلّ من الكتّاب الروائيين أحمد مراد (مصر) وعبد الوهاب الرفاعي (الكويت) وأسامة المسلّم (السعودية)، حيث تنالوا الأسس التي تبنى عليها هذه الأعمال الأدبية، والعلاقة التي تربط المجتمعات وثقافتها ودورها في الارتقاء والبحث عن مجالات أوسع في كتابة روايات الخيال العلمي.
وتطرق الروائي أحمد مراد في مداخلته إلى الدور الذي تلعبه ثقافة المجتمعات في انتشار مثل هذه الروايات، قائلاً: » أجمل شيء في أدب الخيال هو خصوصيته التي يمتاز بها، وقد استطعت من خلال أعمالي أن أذهب إلى أبعاد لا مرئية في الشخصية الواحدة وأوجدت بها شخصيات متعددة، فأدب الخيال يعتمد على الإبحار في خلط الشخصيات ببعضها البعض وإيجاد عوالم لا تتوازى مع التقليدي والذي نراه بكثافة في الروايات والمؤلفات العربية بشكل عام ».
وشخص من منظوره أسباب العزوف عن أدب الرعب في العالم العربي مبينا أن الخوف هو الذي يوّلد الخيال، ويصقله، ويذهب بصاحبه إلى مآلات واسعة، قائلا « أنت ككاتب لا تستطيع أن تكتب عن الخيال العلمي وأنت في مجتمعات لا تمتلك علماً تتحدّث عنه ». وأكد أن الكتابة في مجالات الرعب والخيال العلمي تسهم في إبعاد الكاتب عن العلاقات المبتورة والمتعارف عليها ضمن قوالب العلاقات الجاهزة، مشيرا الى أهمية أن يكون الكاتب قادراً على إيصال ما يريد للقارئ بالاستناد إلى حقيقة أنه لا وجود لكتابة خيال موجهة لأعمار دون سواها.
وأوضح عبد الوهاب الرفاعي في مداخلته ضمن هذه الندوة التي أدارتها الإعلامية الاماراتية صفية الشيحي، أن أدب الخيال والرعب هو جنس أدبيّ مثل بقية الأجناس الأدبية الأخرى، مبينا أنّ تعود القارئ على أجناس أدبية دون سواها هو ما أسهم في عدم حضور هذا النوع من الكتابة بشكل واضح.
وأشار إلى أن الكثير من كبار الكتاب والأدباء العرب يعترف بأهمية كتابة الخيال العلمي، مفسرا عزوف البعض عن مثل هذا النوع من الأدب بوجود « أسباب تتعلق، ربما، بعدم القدرة على خوض مغامرة البحث في المجهول، أو لعدم الإيمان بجدوى هذا الأدب » لكن وجود أصوات روائية شابة ومعاصرة تكتب في هذا المجال منحت، في تقديره، الأمل « في صعود نجم الكتابة الفنتازية » وساهم في مزيد التعريف بها.
واعتبر أن العالم العربي يشكو غياب الأدب الموجه لليافعين، لافتاً إلى ضرورة الكتابة لهذه الفئة و »الانتباه إلى المتغيرات من حولنا وتنمية مخيلة الأجيال الجديدة بمضامين تبتعد عن التقليدي وتبحث فيما وراء الأسئلة عن إجابات كثيرة ».
وفي السياق ذاته نبه الروائي السعودي أسامة المسلّم من وجود تقصير في مجال أدب الخيال في العالم العربي، وأعرب عن أسفه لما اعتبره « حصر الرواية العربية في قالب واحد » مما تسبب في منع التنوع، قائلا « رغم وفرة العناوين الأدبية التي تتضمها رفوف المكتبات العربية لكنها للأسف تفتقر إلى الخيال العلمي والفنتازيا ».
وفسر ذلك بوجود « حذر من كتابة مثل هذا النوع من الأدب، من قبل مؤلفين تساورهم الشكوك بإمكانية نجاح مؤلفاتهم، ويتخوفون من تقبل القارئ ورغبته بما يكتبون »، وأضاف: « إلى جانب ذلك التحدي، علينا الاعتراف بأن كتابة أدب الفنتازيا والخيال العلمي معقدة، إذ تحمل الكثير من الشخصيات التي تدور في أفلاك متوازية ومتقاطعة في الوقت ذاته ».
وات