قدمت مؤسسة المسرح الوطني التونسي، مساء السبت بقاعة الفن الرابع بالعاصمة، جديد أعمالها المسرحية « حين رأيتك » نص وإخراج صالح فالح وأداء كل من بسمة العشي وبشير الغرياني ورحمة فالح وأيمن السليطي ورامي زعتور وطلال أيوب ونضال السهيلي وبسمة البعزاوي وهبة الطرابلسي.
تبحث المسرحية على مدى 90 دقيقة في العلاقات العاطفية والجنسية، من خلال قصة أستاذ جامعي في علم الاجتماع يعيش تصدعا في علاقته بزوجته الصحفية التي هجرت المهنة، فيقرر إنجاز دراسة يشرّك فيها الطلبة وتنشر في مجلة، ويتم فيها التطرق للحب والجسد والخيانة والهجر، عبر وقائع يسردها الطلبة.
هذا الطرح هو عبارة عن عملية بحث في العلاقات المحظورة أو المحرمة التي لا يخوض فيها المجتمع، وتحديدا العلاقات العاطفية والجنسية التي تهم الشباب الطالبي في الجامعات التونسية بدرجة أولى.
على ركح غابت عنه السينوغرافيا والديكور (عدا مشهدين تضمنا مكتبا وأريكة) وبنص كتب باللهجة العامية، وبحركات إيحائية، قدم شبان وشابات في هذا العمل بعض المواقف الحميمية التي عاشوها وتحولت فيما بعد إلى ألم ومعاناة نتيجة ما اعتبروه تسلط العقلية الذكورية في المجتمع.
وارتكز مخرج المسرحية في تقديم رسالته على سرد جملة من الشهادات من الجنسين، واشتركت جلها في إبراز مشاكل المرأة وقمعها الجنسي في المجتمعات الذكورية. وتناول المخرج صالح فالح، بكل جرأة، علاقة المرأة والرجل بالجنس، فسمى الأسماء والأشياء المحظورة مجتمعيا بأسمائها مباشرة، على لسان شخصياته الأنثوية، وذلك خلافا لما يسمح به للذكور في المجتمع.
ويعتقد مخرج المسرحية أن هذه المواضيع هي من المسكوت عنها في المجتمع رغم تفشيها وممارستها بين الجنسين، طارحا جملة من الاستفهامات حول ماهية الحب والجسد، اختزلها على لسان بعض الشخصيات في إشباع الرغبات الجنسية، ليقوم فيما بعد بدحض هذه الفكرة واعتبارها نظرة خاطئة لمفهوم الجسد الذي يشكل جزءا أساسيا من إنسانية الإنسان وهو رمز للجمال، نافيا الأفكار الشائعة لدى الشباب التي تلخص وجود جسد المرأة لمتعة الرجل.
يقرّ صالح فالح في هذا العمل بأن الحياة العاطفية في المجتمعات العربية عموما هي واقع من الحياة اليومية لكلا الجنسين، ولكن هذه المجتمعات نفسها تجد إحراجا في تناول مثل هذه المواضيع التي ظلت ولا تزال من المسكوت عنها رغم تفشيها بكثرة في الوسط الجامعي.
واختار المخرج أن ينهي عمله بلوحة راقصة، كدلالة على قداسة الجسد، تمثلت في شكل ثنائيات بين الجنسين، وهي دعوة ضمنية منه لإعلان ثورة على المفهوم السائد للجسد ليكون محور تفاعل الإنسان مع وجوده.

وكالة تونس افريقيا للانباء