مسرحية أرض الفراشات التي أخرجها سامي النصرى من إنتاج مركز الفنون الركحية و الدرامية بالكاف و التي قدمت مساء الأربعاء بمسرح الهواء الطلق بالحمامات ضمن فعاليات الدورة 52 للمهرجان الدولي بالحمامات ،هي كتابة ملحمية جديدة كسرت الجدار بين الركح والجمهور لترسم صورة المجتمع بأسلوب فني جمع بين السخرية والنقد والمواجهة بين المواقف المتباينة ورغم مشاهد العنف والصراع الذى سيطر على الجو العام للعرض الا أن نهاية المسرحية تفتح أبواب الامل نحو واقع جديد تتسع فيه أرض تونس للجميع مهما كانت اختلافاتهم وهو ما يوحي به عنوان هذا العمل أرض الفراشات التي ترمز الى تحرر الفراشة من شرنقتها التي كانت تكبلها وشارك في تجسيد شخصيات مسرحية أرض الفراشات ثلة من المسرحيين الشبان وهم نور الدين الهمامي وريان قيرواني وعبد السلام بوزيدى والازهر فرحاني وسيف الدين الشارني ومحمد شوقي خوجة ورمزى ذرايعية وناجي الشابي وشيراز عيارى وهدى حماوى وصبرين عمامو وثريا بوغانمي.
يعود محور هذا العمل زمنيا إلى الثمانينات من القرن الماضي حيث يمكن تبين مشروع الدولة حينذاك، ومشروع بناء المجتمع، إذ تمثل الثمانينات بداية ظهور نتائج حداثة المجتمع التونسي وانهياروتعثّر منظومة الاقتصاد الموجه منذ السبعينات، هذا إلى جانب ظهور بوادر الأزمات السياسية والاجتماعية منذ بداية العشرية (أحداث قفصة 1980، أحداث الخبزة 1983، أحداث حمام الشط عام 1995، تغيير 1987 …)وهذه المشروعية التي تربط بين السياسي والاقتصادي يمكن إبرازها خاصة في مستوى ارتباط الأحداث السياسية في تلك العشرية بالمشاكل والأزمات الاجتماعية…وعلى هذا الاساس ينطلق موضوع العمل من المحلي (ريف مدينة الكاف) نحو العاصمة تونس، على اعتبار أن هذا الفضاء التي تدور فيه الحكاية هو ايضا موضوع تناول خاصة من الناحية الأنتروبولوجيّة وبالعودة إلى الثقافي وخصوصيات الصوت والإيقاع والغناء لهذه المناطق التي تزخر بملمحيات غنائية وإيقاعية هامة.مسرحيّة “ارض الفراشات ” كتابة جديدة تتحسس الرابط والتشاكل بين المسرح والجمهور، بين الفضاء والمواطن، بين الأنا والأنت، المعلن والمختفي. القضية الفلسطينية واليهود في تونس … القضية الفلسطينية تاريخ من الاحداث والوقائع والصراعات التي لا تنتهي …وعلى هذا الاساس فالحديث عنها ليس استثناء بقدر ماهو بحث في اشكاليات هذا الصراع بالعودة الى المفارقات الدينية والانتروبولوجية للقضية.وفي تونس ما الذي يميز التعايش والتسامح بين الأديان هل يمكن لهذا التعايش أن يهدّد في ظلّ أرضيات التطرّف والرفض والتقوقع؟ يرصد العمل من خلال الربط بين التاريخ والحاضر، أزمة المجتمع التونسي بدءا من الثمانينات واشكاليات العلاقة بين ما نحن عليه وما نحلم أن نكونه.هي محاولة لرفع الصوت، صوت السؤال والبحث عن الذي يجمعنا ويفرقنا ورهانات حاضر مشتت ومنقبض.