تابع جمهور أيام قرطاج المسرحية في دورتها الرابعة والعشرين العرض الإماراتي « أغنية الرجل الطيب »، وهو عمل من إخراج مهند كريم وتمّ تقديمه ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، مساء أمس الأربعاء، بفضاء الريو بالعاصمة.
تدور أحداث المسرحية في دولة أطلق عليها المخرج اسم « شرقستان » بعد نشوب حرب أدت لانفصالها عن دولة « غربستان » وإقامة الحدود بينهما وتركيز نقاط تفتيش على الحدود. وفي دولة « شرقستان » يعيش مثقف وكاتب مسرحي مقاوم للاستبداد يُدعى جميل إبراهيم، فتقوم الدولة بتركيز أجهزتها الأمنية لمراقبته والتجسس عليه، بعد أن حامت حوله شكوك تتعلق بالعمالة لدولة « غربستان »، لكن أحد ضباط الاستخبارات المكلف بمراقبته يتأثر بكتابته وينقذ هذا الكاتب من براثن المخابرات بعد أن استبدل نصا مسرحيا مناهضا للسلطة، بآخر.
يُعيد المخرج للأذهان دولة ألمانيا قبل هدم جدار برلين وإعادة توحيدها من جديد، حيث تم تقسيمها أثناء الحرب الباردة إلى معسكر غربي ليبيرالي وآخر شرقي اشتراكي يتميّز بنظام حكم ديكتاتوري، ولكن في مسرحية « أغنية الرجل الطيب » يرمز الكاتب من خلال دولة « شرقستان » إلى الدول الشرقية لا سيما الدول العربية التي تحكم قبضتها على شعوبها عبر أجهزة البوليس، فالمخرج من خلال هذا الطرح يستدعي العديد من النماذج الديكتاتورية ويحاكمها بصورة ضمنية غير مباشرة، ويتهمها بجعل السكان رقباء على بعضهم البعض بدل الانكباب على النهوض بالبلاد.
وينتقد العمل أيضا موقف بعض المثقفين الموالين للسلطة من أجل غايات نفعية تكسّبية لذواتهم، بدل القيام بأدوارهم في نشر الوعي والقيم الفكرية والثقافية. والمثير في هذه المسرحية أيضا أن ضابط المخابرات الذي كان من المفترض أن يقوم بوظيفته الأمنية المتمثة في إعداد التقارير عن المثقف جميل إبراهيم، يصبح « الرجل الطيب » الذي يُنقذه من بطش الأمن والوشاة الذين يكيدون له، وهي النهاية التي اختارها المخرج لمسرحيته وانتصر فيها للإنسان، ولقيم الفكر والثقافة لدورها في إنارة العقول وتحرير الشعوب.