مثلت منزلة الكتاب في الإعلام الثقافي ومنزلة الإعلام الثقافي في المشهد الإعلامي العربي عموما محور تباحث عدد من الكتاب والروائيين والإعلاميين المختصين في الشأن الثقافي في لقاء أقيم بعد ظهر الأحد في آخر أيام الدورة 33 لمعرض تونس الدولي للكتاب التي تواصلت من 24 مارس الى 2 أفريل 2017
قلة البرامج الثقافية في الإعلام السمعي والبصري وتأخر توقيت بثها وتراجع ظهور الملاحق الأدبية والمجلات المختصة هي القاسم المشترك الذي يطغى على الساحة الإعلامية العربية، ذلك ما أجمع عليه المتدخلون في هذا اللقاء الذي أثث مداخلاته بالخصوص كل من الكاتب المصري محمود الغيطاني والمغربي ياسين عدنان والجامعي والاعلامي التونسي محمد آيت ميهوب.
وأكد آيت ميهوب في حديثه على أن الثقافة في تونس مهمشة قبل الثورة وبعدها، مشددا على ضرورة أن تؤمن إدارة المؤسسة الإعلامية بأهمية الثقافة، « حتى يظل هناك صوت ناطق باسم الثقافة الجيدة »، بحسب قوله.
وأشار إلى غياب الملاحق الثقافية التي كانت في تسعينات القرن الماضي ترافق صدور الصحف التونسية، مذكرا بوجود بعض المحاولات لبعث مجلات ثقافية خاصة لكنها لم تنجح مما جعل بعض المجلات تتحول من شهرية إلى فصلية وذلك إما لأسباب مادية أو لقلة القراء وفق تقديره.
وإلى جانب غياب الملاحق الثقافية، أشار الكاتب والإعلامي المغربي ياسين عدنان إلى خطورة إبقاء بعض الصحف على هذه الملاحق لكن مع « نسف الثقافة من حيث العمق » قاصدا بذلك تخصيص الصفحات الثقافية للكتابة عن مسائل هامشية مثل الخلافات في وجهات النظر بين بعض الكاتب أو غيرهم من المبدعين في شتى المجالات، بدل الكتابة الجادة عن آخر أعمالهم، وتحويل الصفحات الثقافية الى صفحات « منوعات » مما يفقدها قيمتها.
وتساءل في المقابل عمّن يقدم المادة الثقافية في وسائل الإعلام سواء المكتوبة أو المرئية والمسموعة، مؤكدا على ضرورة القيام بعملية نقد ذاتي، لافتا في هذا الصدد الى أن بعض الصحفيين ممن يشتغلون في المجال الثقافي لا يطلعون على آخر الإصدارات ولا يخصصون وقتا للقراءة وهو أمر غير معقول، وينعكس سلبا على المادة التي يقدمونها للجمهور والقراء.
ومن جانبه حذر الناقد والإعلامي المصري محمود الغيطاني من أن « الثقافة في الإعلام العربي في طريقها إلى الزوال »، مشيرا إلى تقليص عدد الصفحات الثقافية من الصحف المصرية والعربية والى اعتبار المسؤولين عن المؤسسات الصحفية، المادة الثقافية مكملا وليست ضرورة للقارئ، مما يجعلهم يحذفون بعض المواد الثقافية أحيانا لفائدة الأخبار السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو غيرها.
وفي السياق ذاته أجمع المشاركون في الحوار على تقليص زمن بث البرامج الثقافية الإذاعية والتلفزية قليلة، وتأخير توقيتها، إذ تبرمج دائما آخر الليل وخارج أوقات الذروة وهو ما يعكس قيمة الثقافة في أذهان المشرفين على هذه المؤسسات. ولئن شددوا على أن المادة الجذابة المرئية، بالخصوص، تتطلب ميزانية، فإنهم دعوا في المقابل المشرفين على البرامج الثقافية إلى مراجعة طريقة تقديم عملهم لشد الجمهور وتقريب الكتاب من القراء حتى يستعيد مكانته شبه المفقودة.
وات