تابع جمهور الدورة 22 لأيام قرطاج المسرحية، بقاعة نجمة الشمال بالعاصمة يوم الأربعاء 8 ديسمبر العرض المسرحي « عطش » لفرقة بلدية دوز للتمثيل وإخراج منصور الصغير.
وهذا العمل من أداء عبد الناصر بن عبد الدايم ومنصور الصغير ورحاب مبارك وإخلاص عبد العظيم ومحمد بالحاج ومحمد بن علي والسبتي الجديدي وعبد الله موسى. وتدور أحداث المسرحية في الصحراء حيث الفرد في قبيلته على قيم متوارثة فرضتها البيئة الصحراوية. فتنشأ صراعات بينها وبين قبائل أخرى بعد توافد رجل غريب على القبيلة هو « الفقيه » وتسلّم مقاليد السلطة في القبيلة بدعوى تحرير أفراد القبيلة ومصالحتها مع القبائل الأخرى. وبمرور الوقت تنشأ مدينة على الأراضي القبلية وفقد بذلك القبائل مكانتها وقيمتها وتصبح تحت سلطة المدينة الجديدة.
مسرحية « عطش » هي ملحمة درامية تتداخل فيها تأملات الحكماء والمتصوّفين والمشعوذين للحياة ورؤيتهم للحقيقة ونظرتهم للحرية، هناك في عالم الصحراء تتصارع القبائل من أجل بسط نفوذها وسيطرتها على أماكن تواجد المياه والمرعى، وسعي كلّ من أفرادها لتكديس الثروة والبحث عن الجاه.
وراوحت أحداث المسرحية بين المواقف الهزلية الساخرة والمواقف التراجيدية، وأبرزت مأساة العالم في صرخة سكان الصحراء حيث كانوا يتنقلون بحرية وستقرون حيث وُجد الماء والمرعى، ولكنهم يجدون أنفسهم سجناء الخيانة والطمع والغدر.
المسرحية هي نظرة معمّقة عن انقلاب القيم وانهيار الأخلاق في السياسة والمجتمع، حتى أصبحت الثروة والجاه والسلطة والنفوذ يتمّ الوصول إليها بالدسائس وخيانة الأمانات. والقبيلة في مسرحية « عطش » ما هي إلا صورة للدولة في الوقت الراهن، و »العطش » لا يحمل دلالة الجفاف وغياب الماء، وإنما هو أيضا جفاف ينابيع القيم وانقلاب المفاهيم.