ضمن عروض الدورة السادسة لأيام قرطاج السينمائية في السجون، تم يوم الاربعاء عرض فيلم » بيك نعيش » داخل السجن المدني بصفاقس ، ويطرح الشريط الروائي الطويل « بيك نعيش » للمخرج التونسي الشاب مهدي البرصاوي، الذي لعب دور البطولة فيه الممثلون « نجلاء بن عبد الله » و »سامي بوعجيلة » و »صلاح مصدق »، قضايا اجتماعية متداخلة دارت احداثها غداة ثورة 14 جانفي 2011 وتحديدا في مدينة تطاوين من الجنوب التونسي، حيث شاءت الظروف أن تنجب الممثلة « نجلاء بن عبد الله » التي أخذت دور « مريم » في الشريط الطفل « عزيز » خارج إطار الزواج، ولكنها سرعان ما تزوجت بشاب تونسي يقيم بفرنسا لتنعم بحياة زوجية هادئة مع زوجها وابنها « عزيز »، التي تكفلت بتربيته في ظل تخلي والده البيولوجي عنه وعن أمه.
ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن … الهدوء والانسجام اللذان كانت تنعم بهما « مريم » رفقة زوجها وابنها سرعان ما تحولا إلى أاحداث مأساوية حزينة حين تعرضت « مريم » رفقة زوجها وابنها أثناء رحلة إلى الجنوب التونسي، الى عملية سطو « مسلح » على وجه الخطأ جراء الحرب القائمة انذاك على الحدود الليبية، حيث اصيب ابنها « عزيز » بطلق ناري على مستوى الكبد، مما جعل حياته في خطر … ومن هنا انطلقت مأساة الأم « مريم » والأب غير البيولوجي، في البحث عن متبرع بكبد أو جزء منها لإنقاذ حياة الطفل « عزيز ».
تقنية التقاط المشاهد عن قرب التي اعتمدها المخرج مهدي البرصاوي، وقوة أداء الممثلين المحوريين « نجلاء بن عبد الله » و »سامي بوعجيلة »، جعلتهما يلعبان دورا محوريا في الشريط الروائي الطويل « بيك نعيش »، حيث نجحا في ملامسة الجانب الانساني لدى المشاهدين، وهم بالأمس مساجين السجن المدني بصفاقس، وجعل الجانب الانساني ينتصر على الجانب البيولوجي والعقائدي … تحكي أحداث الشريط عن استعداد الأب غير البيولوجي للطفل « عزيز » لشراء « كبد » بكلفة باهظة في إطار « المتاجرة بالأعضاء » في سبيل انقاذ حياة طفل بريء، ومن أجل الحفاظ على زوجته وحياته الزوجية. ورغما عن النظرة السلبية للمجتمع لمسلكيتها السابقة، نجحت الممثلة/الزوجة في لعب دور الأم والزوجة المثالية والمسؤولة، من خلال بحثها عن الأب البيولوجي لابنها « عزيز »، وقبولها المثول امام العدالة من أجل انقاذ حياة ابنها.
وأوضح مدير ادارة الاصلاح والرعاية والادماج بالهيئة العامة للسجون والاصلاح، سفيان زغيش، في تصريح إعلامي بالمناسبة، أن « احتضان أيام قرطاج السينمائية داخل السجون، وهي بادرة دأبت عليها الهيئة العامة للسجون والاصلاح منذ سنة 2015، يتنزل في نطاق تكريس الفصل 42 من الدستور، الذي يكفل لكل انسان، بما في ذلك المساجين وفاقدي الحرية، الحق في الإابداع الثقافي وتكريس القواعد النموذجية الدنيا للامم المتحدة التي تنص على ضرورة أن تعمل ادارة السجن على تقليص الفوارق داخل السجن وخارجه »، مشيرا الى أن هذه الدورة التي تعد استثنائية باعتبار الأزمة الوبائية التي تعيشها البلاد، تم خلالها احترام البروتوكول الصحي والالتزام بطاقة استيعاب داخل قاعة العرض لا تتجاوز 50 بالمائة، وذلك حفاظا على صحة المودعين والأعوان والزائرين. كما اعدت الادارة العامة لايام قرطاج السينمائية هذه الدورة محامل لعرض الشريط في غرف المودعين.
وذكر، زغيش، « انه بناء على مقترحات عدد من المساجين، سيتم بداية من الدورة القادمة لايام قرطاج السينمائية تنظيم ورشة تدريبية داخل السجون حول كيفية وأبجديات صناعة الافلام وذلك بالتنسيق مع المركز الوطني للسينما والصورة »، مؤكدا أن « إصلاح المنظومة السجنية هو مشروع مجتمعي يستوجب تعاضد جهود المجتمع المدني والمؤسسات من أجل تجاوز الوصم الاجتماعي السلبي الذي يلحق السجين حتى يتصالح السجين مع ذاته ومع عائلته والمجتمع، وتأسيس علاقة تصالح بين المنظومة السجنية والمنظومة المجتمعية ».
من ناحيته، أعرب منسق فعاليات احتضان أيام قرطاج السينمائية بالسجون، وعضو المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، « أمان الله لسود »، عن الأمل في أن تستضيف ايام قرطاج السينمائية في الدورات القادمة المودعين في السجون التونسية لتقديم إبداعتهم في الفن السابع.
يذكر ان افتتاح ايام قرطاج السينمائية في دورتها السادسة بالسجون قد انطلق في « أوذنة »، ثم في سليانة من خلال عرض شريط « المدسطنسي » بالسجن المدني بسليانة، ومن ثمة في مركز اصلاح الاطفال الجانحين في سوق الجديد، ثم السجن المدني بصفاقس، لتختتم اليوم الاربعاء في برج العامري، من خلال عرض شريط « فتوى » للمخرج محفوظ بن مخلوف.
وات