« سمراء في مفترق الأقدار » الرواية الثانية لعواطف الزراد صدرت سنة 2024 عن الشركة التونسية للنشر وتنمية فنون الرسم في 228 صفحة. هذه الرواية وضعت تحت المجهر في مصيف الكتاب الذي تنظمه المكتبة الجهوية بمعلم دار الشرع بالمدينة العتيقة بالمنستير من 17 إلى 26 جويلية الجاري.
وبيّن الأستاذ الجامعي والباحث أحمد الحيزم الذي قدم هذه الرواية أنّ كل كتابة مغامرة، و »سمراء في مفترق الأقدار » مغامرة جريئة تطرقت إلى مسائل ووجهات نظر ممكنة وهي رواية تتحمل قراءات متعددة. واعتبر أنّ اللون في هذه الرواية غير أساسي وكان يمكن للروائية الاقتصار في العنوان على » في مفترق الأقدار » لأن الفكرة الرئيسة التي تدور حولها الرواية هي أنّ الوجود مأساة فالكتابة هنا تراجيدية مستلهمة من روايات سابقة « موسم الهجرة إلى الشمال » للطيب صالح، و »مذكرات في المنفى » لبيرم التونسي، وكتب الرحلة كذلك. وتقتضي الكتابة الروائية الرائعة لدى عواطف الزراد قارئا مثقفا فهي متأصلة في الاختيارات الشعرية وتتميز بتدافع الصور وبحسية الصورة وبعمق المفاهيم المستعملة وبتنوع المراجع وسعته. وتعتبر الروائية المتحصلة على الدكتوراه في العربية عفاف الشتيوي أنّ خصوصية هذه الرواية تكمن في اختيار السمراء شخصية محورية في الرواية وتتبع مسارها في مراحل مختلفة من حياتها ووضعيات معقدة عاشتها مع التركيز على أشكال التهميش المختلفة التي اختزلتها شخصية « أم السعد » بدءا بالتهميش الأسري. فالأب أجبرها على أن تكون معينة منزلية في بيوت الأثرياء إلى جانب التهميش العرقي المرتبط بلون بشرتها، والجندري، والتهميش الاجتماعي. وتبرز قوّة الرواية وطرافتها وعمقها في محاولة تناول قضايا مختلفة منها مسألة المعينات المنزليات المنحدرات من أوساط اجتماعية هشة ومن مناطق داخلية، والتمييز العنصري والعقبات التي يمكن أن تواجهها امرأة سمراء ونظرتها لذاتها ونظر الآخر إليها، والهجرة غير النظامية إذ اختارت « أم السعد » الهجرة والهروب من واقعها بحثا عن واقع بديل واستطاعت تحقيق ذاتها خارج الوطن. وتعدّ هذه الرواية كلاسيكية ليس فيها تجريب أو إرباك في مستوى الأحداث أو الشخصيات ولكن هناك نحت في الجمل فالنص يبدو بسيطا بلغة سلسة غير أنّ الجمل مفخخة تحيل إلى عدّة دلالات وتأويلات حسب عفاف الشتيوي.
