يتضمّن هذا الكتاب أجوبة أجاب بها المفتي أبو القاسم بن عظّوم عن أسئلة واستفتاءات عرضت عليه في مرحلة تولّيه الإفتاء بتونس بداية من سنة 982 ه/ 1574 م إلى وفاته سنة 1009 ه/ 1601 م تقريبا. ومن خصائص هذه الأجوبة أن يعرض فيها المؤلّف اسم أو أسماء المستفتين واسم كل من له صلة بالقضية، فيورد تفاصيل عن العائلات والقبائل والمدن والأماكن والمباني، كما يتعرّض لذكر أنواع الوظائف الشرعيّة والمخزنيّة والإداريّة، دون إهمال للصناعات والحرف والمظاهر الحضاريّة كالألبسة والأطعمة وغيرها.تكشف هذه الأجوبة إذن عن مشاكل الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة التي عاشتها تونس بعد انعتاقها من الاحتلال الإسباني وبداية تفاعلها مع السلطة العثمانية.
يعدّ هذا الكتاب مرجعا مفيدا للمتفقّه في القوانين ومصدرا من أهمّ المصادر في التاريخ الحضاري للبلاد التونسيّة على مدى 27 سنة، إذ يكمّل بعض الفراغ في المكتبة التونسيّة التي أصيبت بانقطاع الكتابة التاريخيّة أكثر من قرن )ما بين الزركشي صاحب «تاريخ الدولتين » وابن أبي دينار صاحب «المؤنس .)» ولقد اهتمّ بهذا الكتاب منذ سنوات الدكتور محمد الحبيب الهيلة وقدّم لنا تحقيقا تستقيم فيه القراءة الفقهية باصطلاحاتها وخصائصها، كما تستقيم فيه القراءة التاريخيّة الحضاريّة في أواخر القرن السادس عشر الميلادي.