تحت عنوان « الترحال في الفنّون المرئية وإنشائية الانتقال » انطلقت يوم السبت بالمنستير فعاليات ملتقى تنظمه الجمعية المتوسطية للفنون التشكيلية المعاصرة بدعم من وزارة الشؤون الثقافية وبلدية المنستير على امتداد يومين بمشاركة 19 من الجامعيين والباحثين في مجال الفنون من تونس والكاميرون.
وتطرق المحاضرون في اليوم الأول للملتقى إلى مسألة الترحال في النصوص والأعمال الفنية عبر رؤى مختلفة، وتكشف هذه المسألة عدم جمود الفنّ فهو متنقل في مختلف أشكاله حسب ما أفاد به « وات » الأستاذ الجامعي بكلية العلوم الإنسانية بسوسة وعضو لجنّة الدكتوراه بالمعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة عادل بن يوسف.
و »الترحال هو الأهبة للترحل وهو الفعل الفني فعل الكتابة أو العمل المسرحي وعند التواصل مع الآخر يمكن اعتبار ذلك محطة من محطات الترحال الذي فيه ثراء كبير جدّا إذ عند السفر تلتقي مع الآخر في حين أنّ البقاء في مكان واحد قد يحول الثراء الأولي إلى نوع من الفقر المعرفي، وبالتالي عملية الترحل هي بحث عن الآخر والتواصل معه من أجل الإثراء »، حسب تعبير الجامعي والأديب حافظ الجديدي.
وتكون عملية الترحال لدى حافظ الجديدي عبر الأجناس الأدبية من الكتابة الروائية إلى الكتابة المسرحية والتي تتم باعتماد لغات مختلفة من الفرنسية إلى العربية الفصحى أو إلى اللّغة التونسية العامية ثم من العامية إلى الفرنسية فهو ارتحال في اللّغة أو في اللهجات. ويقول الجديدي « في كتاباتي مواد شعرية تتحوّل إلى مجالات أخرى فتنفتح على الفرجة والعرض الحيّ من خلال تواجدها في نصوص درامية » مؤكدا لوات أنّه « يبحث عبر هذا الترحال بالأساس التواصل مع الآخر ».
و »الترحال ليست استراتيجية مقحمة في الأثر الفني بل هي نابعة عن الممارسة الفنية وحاجياتها الجوهرية » حسب الجامعي والفنّان التشكيلي محمّد سامي بشير موضحا أنّه بناء على ذلك يكون « للترحال هدف وحاجة ملحة في البحث عن الفضاءات المكملة للأثر الفني ».
وتحدث محمّد سامي بشير عن عرض « مدارات » الذي قدمه مع الموسيقي أكرم الأنصاري بالمركب الثقافي بالمنستير يوم 3 ديسمبر الجاري، وهو تنصيبة متعددة الاختصاصات مرتحلة بالأساس وفي علاقة مع طبيعة الفن التشكيلي البصري والجمل الموسيقية المرتجلة ذات البعد الروحي والصوفي والتي فيها الحركة الموسيقية الدائرية، معتبرا أنّ جوهر الرسم التشكيلي هو التفاعل بين الفضاء والمتلقى.
وتحدث الفنّان ومدير معهد الفنون الجميلة والمهن بالمهدية خالد بيدة عن تجربته بعد سنة 2011 منطلقا من بعض الأحداث كحرق مقام سيدي بوسعيد الباجي وأحداث سليانة وذلك من خلال معرضي « ترحال 1″ و »ترحال2 « ، في حين حلل الأستاذ عليّ عون شريطا للمخرج الجزائري لخضر حمينا مبينا أنّ رمال الصحراء التي تزحف وتأتي على الواحات تدفع السكان إلى الترحال.
ويعدّ ملتقى « الترحال في الفنّون المرئية وانشائية الانتقال » دعوة مفتوحة للتفكير بين الباحثين والمبدعين ومساءلة الترحال من عدّة زوايا، والمفاهيم الممكنة له في عصرنا الراهن عصر العولمة والحجر الصحي وكيفية التفكير في الذات البشرية وحاجتها الماسة للترحال واكتشاف الآخر والأنا من خلال الآخر، حسب محمّد سامي بشير.