ثّل « دور الأسرة في بناء شخصية الطفل »، محور محاضرة علمية نظمها يوم الجمعة، قصر العلوم بالمنستير، ضمن سلسلة المحاضرات العلمية الموجهة للعموم، وفق ما أفاد به (وات)، المدير العام لقصر العلوم بالمنستير، صالح نصر.
وقد تطرق الأستاذ الجامعي المختص في طب الأطفال والمراهقين، نوفل قدور، إلى دور الأسرة في النمو النفسي للطفل، مركّزا على أهمية الوظيفة الرمزية والسردية بالنسبة إلى الطفل وبالتالي لابّد أن تتوفر للأولياء القدرة على إدخال الطفل ضمن المنظومة السردية، سواء بسرد حكاية له أو دعوته إلى سرد حكايته، إذ من الهام جدّا أن يتعلم الطفل أن يلعب وأن يتخيل، فضلا عن تعلّمه الحساب.
وتشمل الوظيفة الأساسية للأولياء وللأسرة، نقل كلّ ما هو تراث وثقافة ومنظومة أخلاقية ينتمي إليها الطفل أو الطفلة. وتتطلب وظيفة الأولياء مرونة وتثقيف حول آليات النمو لدى الطفل، كمعرفة مرحلة « عقدة أوديب » ومعرفة نزعة الطفل المعارضة والاستفزاز أحيانا وكيفية التعامل معها. ويوجد نموذج تسلطي يفرض فيه الولي سلطته على الطفل ونموذج آخر فيه السلطة أكثر مرونة، حسب نوفل قدور الذي أضاف قوله: « إننا للأسف بصدد ملاحظة نموذج فيه السماح للطفل بالقيام بأي شيء، بلا ضوابط »، في حين أنّ دور الأولياء يقتضي الاعتدال بين النموذجين السالف ذكرهما، إذ لابّد عند التعامل مع الطفل، من انتهاج التفسير والمرونة، مع وجوب وجود ضوابط وتوفير الحماية للطفل.
واستعرض المحاضر بعض الأمثلة لأولياء يجدون صعوبة في الاضطلاع بدورهم، مما قد يؤثر على نمو الطفل، فالوالي لابّد أن يقتنع أنّ حياته وطموحه وحكايته هو مختلفة عن ابنه أو ابنته، باعتبارهم كائنا منفصلا له طموحه الخاص وحكايته الخاصة به ولابّد أن يساعد الولي الطفل أو الطفلة على أن ينفصل وليس أن يتركه دوما تحت حمايته.
ولاحظ الأستاذ الجامعي أنّه لتجاوز هذه الوضعية، لابّد من مرافقة الولي والأسرة، من قبل المحيط، سواء المؤسسة التربوية أو وسائل الإعلام أو الخدمات الاجتماعية والنفسية.
ومن جهته أكد المدير العام لقصر العلوم في تصريح ل(وات)، أنّه تمت برمجة هذه المحاضرة، نظرا لانعكاسات جائحة كورنا على الطفل خلال فترة الحجر الصحي الشامل وللتأكيد على دور الأسرة في تحقيق التوازن النفسي للطفل. وقد برزت بعد الثورة ظاهرة تشويش أو ضبابية في منظومة القيم التي يعيشها المجتمع التونسي، « مما انعكس على الأسرة وعلى الطفل، فأصبح الطفل يعاني من غياب الراحة النفسية، ما يستوجب التقليص من الزمن المدرسي الموجود حاليا وتخصيص حيز كبير للحديث عن الطفل كمواطن وإعداده لذلك » وفق صالح نصر.