بين المفهوم والنظر حول أنماط الأدب الأندلسي في تباعدها الزمني ، وتلاحقها وتداعياتها في نشوء الحضارات واستمرار حركة التثاقف و تعاقب الأحداث التي تصنع القيم المشتركة، تلونت الطروحات عن تلازم حركة الثقافة والانسنة من زاوية الادب الاندلسي ، وذلك خلال ملتقى الالكسو السنوي التربوي العربي الاسباني الذي انتظم اليوم الثلاثاء تحت عنوان » الدور التربوي للادب الاندلسي في تعزيز القيم المشتركة ».
وأكد المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، د.محمد ولد اعمر أن هذا الملتقى الثقافي العربي الإسباني، يُعدّ رافدا ملهما لتجديد أواصرِ الصداقة والتعاون بين الشعوب واستعادة بريق إرث مشترك يربط بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط في سياق التفاعل الحضاري، ومن خلال الأدب الأندلسي باعتباره مرآة للهوية الثقافية المشتركة.
وعرض بالنظر لحركة التوليد الحضاري ، حيث شكلت الأندلس الوجه الفكري الذي خلق حركة التثاقف الادبية والشعرية والمعرفية، والتمازج الفريد بين الثقافات العربية والاسلامية والاوروبية في اتجاه تجسير ملامح القيم الانسانية المشتركة، وذلك عبر حركة التأثر والتأثير بين الادب العربي الاندلسي والادب الاسباني.
ولاحظ المدير العام للالكسو ان التمثّل الادبي يتجاوز في جوهره ظاهر المضمون من منظوم ومنثور ليترجم ذلك التفاعل الثقافي الانساني العميق في تشكيل السياق الثقافي المشترك ،اذ عكست قصائد الاندلس على سبيل المثال روح التعايش بين مختلف الأديان والأعراق.
كما عرّج على مصادر التخيل الشعري في الأدب الأندلسي الذي طبعته بهجة الحياة وجمالية الصورة ، ليترك بصمة واضحة في الأدب الإسباني، وخاصة في الشعر الغزلي الإسباني الذي تأثر بشكل كبير بالشعر الأندلسي.
وأضاف ان التأثيرَ المتبادل بين الأدبِ الأندلسي والإسباني لا يمكن إنكارُه، سيما وان الأدب العربي الأندلسي، ببلاغته وصوره ، قد أثر على أعمال أبرزِ الأدباء الإسبان، بما أثرعلى تطوير الأدب الأوروبي ككل، وكان مصدر الهام للشعراء الإسبان في عصر النهضة من حيث الأوزان الشعرية الأندلسية، ومن صورها الجمالية، مما جعل الأدبَ الإسباني محملا بروحَ التسامح والإنسانية.
وشدد على الحاجة للاستفادة من هذا الإرث الحضاري لتطوير حوار ثقافي أكثر عمقا وشمولا بين العالم العربي وإسبانيا، خاصة وان الأدب يعد رافدا مفصليا لتعزيز التفاهم المتبادل من خلال برامج الترجمة والنشر المشترك، وخلق مبادرات ثقافية مشتركة مبنية على القيم الإنسانية الكونية، بما فيها تعزيز التعاون الثقافي بين العرب وإسبانيا.
وعالج الحضور من باحثين في الحضارة وجامعيين واكادميين دلالات الخطاب القيمي المشترك في الادب الاندلسي، وما استتبعه من حركات أدبية وظهور مشارب ومدارس شعرية وفكرية مستجدة، بما خلق حالة من الوعي الانساني في التعامل مع النصوص والتجارب التاريخية.