تابع جمهور مهرجان الحمامات الدولي في دورته الخامسة والخمسين، الليلة الماضية، العرض الأول لمسرحية « مملكة الذهب »، وهو عمل من تأليف وإخراج الفنان حسين محنوش، وبطولة لمياء العمري وأنس العبيدي بالإضافة إلى كوكبة من الممثلين والراقصين الشبان.
تدور أحداث هذه المسرحية في مملكة حاكمها مهوس بجمع الذهب رغبة في الاستثراء، حتى إنه استأجر مجموعة من المشعوذين والسحرة لاستخراج الذهب، وفي المقابل يعاني شعب مملكته الجوع والفقر والقمع، وفي الأثناء يظهر من طينة هذا الشعب مهندس يحث الناس على العمل وتنفيذ مشروع إنجاز سد لجمع المياه وخدمة الأرض.
لتنفيذ مختلف أطوار « مملكة الذهب »، كان المخرج حسين محنوش وفيا لأسلوب المسرح الكلاسيكي. وتجلى ذلك في السينوغرافيا المكملة للعرض إلى جانب لعب الممثل على الركح، فالجسر كان مجسما على الركح، ومشاهد القصر اختزلت في كرسي الملك، وملابس الممثلين كانت منسجمة مع أدوار كل شخصية من هذه الشخصيات.
يبدو اعتناء المخرج بالنص جليا في هذا العمل، إذ اختار أن يكون بالعربية الفصحى ويسير الفهم ومباشرا في بعض الأحيان دون رموز أو إشارات، ولعل اختيار اللغة العربية لهذه المسرحية، التي كتبها منذ سنة 1982 ولم تنفذ آنذاك لدواعي سياسية، وفق ما أوضحه في ندوة إثر العرض، هو التعبير عن الواقع العربي ككل وليس الواقع التونسي فحسب، وهو واقع يتسم بالخضوع لإملاءات القوى الغربية وتهميش الحكام العرب لشعوبهم.
ينتقد حسين محنوش بشدة خضوع الحاكم العربي للأوهام التي يروجها له الغرب، كما ينتقد نرجسيته وحبه المفرط للذات والتفكير في مصالحه الشخصية الضيقة، مقابل تهميش الرعية والتنكيل بها ووقوفه صدا لشعبه أمام إرادته في العمل والتغيير.
ويعتبر المخرج أن الوحدة ورص الصفوف يعدان من الشروط الأساسية للنجاح والعمل والبناء. وقد ضمن هذه الرسالة على لسان شخصية المهندس قبل اعتقاله، وهو يدعو من خلالها الشعب إلى مواصلة مشروع بناء السد من أجل الخلاص الجماعي.
لقد تعمد المخرج أن تكون بعض المشاهد قاسية، لا سيما مشهد الحراس وهم يقمعون الناس، بالإضافة إلى مشهد اللوحة الراقصة التي تصور الجوع والفقر، وهو مقصد فني لإبراز حجم المأساة وهولها.
ورغم هول المأساة، اختار حسين محنوش نهاية سعيدة لعمله، فقتل الملك بعد أن دس له المشعوذ السم في الماء، وانتصرت إرادة الناس على الإرادة الفردية للملك. وهذه النهاية السعيدة للمسرحية أرادها المخرج نافذة للحلم وأملا في مستقبل أفضل مما هي عليه الأمة العربية.
وتحدث المخرج حسين محنوش في الندوة الصحفية التي تلت العرض، عن وجود بعض الثغرات في العمل بانت في هذا العرض الأول وسيتم تلافيها لاحقا. وعبر عن ضعف قيمة الدعم البالغ قيمته 30 ألف دينار والذي كان تحصل عليه من وزارة الشؤون الثقافية لإنجاز مسرحيته، قائلا إن هذا المبلغ لا يكفي حتى لتغطية أجرة فريق المسرحية.
وعبر عن أمله في أن تحظى المسرحية ببرمجتها في التظاهرات الثقافية ضمن قائمة العروض المدعومة.
وات