صدر للكاتب والأستاذ الجامعي توفيق العلوي رواية جديدة تحمل عنوان « جبل الجلود ». وقد وردت في 390 صفحة عن دار محمد علي الحامي للنشر ضمن سلسلة جديدة تحمل عنوان « فتون » ويشرف عليها الأستاذ الجامعي والناقد محمد بن محمد الخبو.

واعتبر الخبو في تقديمه لهذه الرواية، وهي العدد الأول ضمن سلسلة « فتون »، أنها « نص ملحمي، بطله تاريخ تونس المعاصر بتقلباته وتناقضاته، لا بطل فردا واحدا فيه » بل هي مجموعات « تصارع الزمن ويتصارع بعضها مع بعض في نسق لا يكاد يتحول، وبطل الأبطال جبل الجلود ».
« جبل الجلود » هي مسقط رأس توفيق العلوي، الذي بين في تصريح لوات أنه حرص على تخصيص روايته لمدينته التي يرى أنها ذات تاريخ ظلت بعض ملامحه مجهولة. وبيّن أن جبل الجلود لمن لا يعرفها جيدا، كان لأهلها نضالات كبيرة ضد المستعمر، وتميزت بوجود حركة سياسية ونقابية عميقة جذورها، ساهمت في العديد من الأحداث الوطنية التي شهدتها بلادنا، كما كان لأهلها نشاط رياضيّ امتدّ بدوره إلى أربعينات القرن الماضي وقد ناغم الحياة السياسيّة.
ويقول توفيق العلوي « غير أنّ كلّ هذا وإن تعلّق بالتاريخ، فإنّ الرواية ليست البتّة رواية تاريخيّة، إنّما هي مزيج فنّيّ بين الواقع والإبداع، بين الحقيقة والخيال. رواية واقعيّة، بمفهوم الواقعيّة في الأدب، ما وقع، وما يمكن أن يقع، كذا تجسّد الأمر في الأحداث وتطوّراتها، والشخصيّات وأنماطها. »
ويكتشف القراء في هذه الرواية التي حملت عنوانا فرعيا « نيران جاشي »، قصّة عاطفيّة مؤثّرة، سرت تفاصيلها في أرجاء مدينة جبل الجلود، بحسب العلوي « وزانتها الحياة اليوميّة بخصائص اجتماعيّة، وسمات جماليّة تنسرب أحيانا ممّا يبدو قبيحا دميما، وصفات حكمها الواقع وطقوسه، فامتدّت عبر كلّ الرواية لتتعلّق بها حيوات شبيهة، تنجم منها مشاعر، تتميّز بها المدينة في علاقاتها الاجتماعيّة العاطفيّة، وترتبط بعوالم تتحرّك ضمن حياة شعبيّة تعشق الحياة، وتدفع الموت بالحياة. »
رواية « جبل الجلود » جسّدت، وفق صاحبها، « دفاعات المدينة عن كيانها ضدّ قسوة الطبيعة، وشرور الصناعات المختلفة، فقد تعلّقت رئتا المدينة بالحياة رغم البيئة الملوّثة، وحافظ قلبها على انتظام نبضاته رغم الهزّات، وصارع عقلها مضارّ الجهل والأمّيّة، كان ذلك عبر التاريخ إلى فترة سياسيّة، مدارها الثورة التونسيّة وسنواتها اللاحقة ».
يتحدث توفيق العلوي بحب كبير عن مدينته فيقول إنها « مدينة عشقت الحياة، و »طبّعت » مع الموت، و »تجري وراء الخبزة » وقد ألفت الفقر، وأسالوا دماءها وقد تعوّدت على التسامح، وأباحوا الاعتداء عليها، فقاومت في صمت حينا، وزمجر صوتها أحيانا. وقد تجسّد ذلك في شخصيّات، تحمل صفات تختصّ بها المدينة، وثقافة شعبيّة راوحت بين الجدّ بالهزل، واختلطت فيها المشاعر، الكره الشبيه بالحبّ، والحبّ المصارع لشرور البشر. شخصيّات تضطرّك للتعاطف معها حينا، وتتساءل عن أسباب تصرفاتها أحيانا ».