صدر عن دار محمد علي الحامي للنشر كتاب للدكتورة حياة اليعقوبي بعنوان « الضوابط التأويلية للنص الديني عند المعتزلة والأشاعرة : دراسة مقارنة »، وهو منجز بحثي معمّق نالت به شهادة الدكتوراه، وقد انطلقت منه الكاتبة لتشخيص العلاقة بالدين والحياة، لتقف في بحثها عند معرفة أسس نظرية التأويل القرآني عند الأشاعرة والمتكلمين والمعتزلة.
وورد هذا الكتاب في 536 صفحة وتألف من قسميْن رئيسييْن: الأوّل نظري واهتمّت فيه الباحثة بـ « أهم موجهات الرؤية التأويلية عند المتكلّمين »، أما القسم الثاني فعنونته بـ « النصية والأبعاد الدلالية للتأويل عند المتكلّمين ». وتفرّع عن هذين القسميْن فصول ومباحث، لتَخْلصَ الباحثة في ختام كتابها إلى أن المتكلمين استطاعوا أن يؤسسوا تأويل النص الديني على اللغة باعتبارها ضابطا من بين مجموعة ضوابط أخرى، فهي ترى أن النص واللغة والعقل هي المحدّد الأوفى الذي يؤطر التاويل عموما عند المتكلمين، وتتمّ بها ومن خلالها عملية ضبط المعنى، لكنها تختلف على عموميتها في طبيعة علاقتها.
واستنتجت الباحثة أن النص واللغة والعقل تخضع في أولوية أحدها على الآخر إلى الخلفية المذهبية أساسا، اعتزالية كانت أو أشعرية. وتعتبر أن الخصوصية المذهبية عملت بعمق على أن تبني أصولا معرفية متماسكة ومستقلة في آن لها انتظامها الداخلي وأسسها المعرفية التي تدافع بها عن وجودها ضدّ الآخر. ولاحظت الباحثة أن العلاقة بين العقل والنقل هي الإشكالية المهيمنة على صنع ذلك الانتظام والخصوصية.
وتعتبر الدكتورة حياة اليعقوبي الصبغة التأويلية للعقل الكلامي برزت في حضور التصورات المعرفية للمتكلمين، في كل الضوابط التأويلية للنص الديني عندهم، وأول هذه الضوابط وأساسها هي النص. وهي ترى أيضا أن العقل الكلامي إذا كان قد ظهر بمظهر المتمثل لأبعاد النص التأويلية، فإن ذلك كان يحيل دائما على التأويل، في تجاوز مستمر للنص، إلى ما به يصنع نصية ممكنة .