نظّمت الإدارة العامة للحرس الوطني بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، اليوم الخميس بالعاصمة، يوما دراسيا حول موضوع مكافحة العنف في الفضاء الأسري، وذلك بحضور كاتب الدولة لدى وزارة الداخلية المكلف بالأمن سفيان بالصادق.
وأوضح آمر الحرس الوطني حسين الغربي أنّ اليوم الدراسي تتويج لأنشطة انتظمت على مدى شهرين وانطلقت بتنظيم 6 ورشات جهوية تحت إشراف مديري أقاليم الحرس الوطني بكل من تونس والقيروان وسوسة و باجة ومدنين وتطاوين وبمشاركة كافة رؤساء فرق كافة الوحدات المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل بالحرس والأمن الوطنيين وبحضور جميع الهياكل المتدخلة تحت عنوان « العمل الشبكي في مسار التعهّد بضحايا العنف الأسري ».
وقال إنّ تأثيث هذا اللقاء بعدة مداخلات يترجم مدى الوعي بضرورة معالجة أحد أبرز التحديات التي تواجهها المجتمعات اليوم وهو العنف داخل الفضاء الأسري.
بدوره، قال كاتب الدولة المكلف بالأمن سفيان بالصادق إنّ العنف الأسري ظاهرة اجتماعية نفسية تعاني منها كافة المجتمعات المتقدمة والنامية على حد السواء وبمعدلات مختلفة مبيّنا أنّه يعدّ الأكثر خطورة على الفرد والمجتمع حتى وإن كان يبدوا أقل حدة من غيره .
وأوضح أنّ دوافع العنف الأسري تعدّدت بين اجتماعية واقتصادية ونفسية وأنّ أنواعه اختلفت، من عنف جسدي إلى نفسي واقتصادي، ممّا يستوجب وضع مقاربة تشاركيه لمكافحتها والوقاية منها.
وقال إنّ الإجراءات الوقائية تعدّ عاملا مهما في مقاومة العنف الأسري ومنع انتشاره في المجتمع والحفاظ على تماسك الأسرة لذلك اتخذت تونس استراتيجية وطنية للوقاية منه تبدأ بالوقاية العامة التي تبين خطر العنف الأسري ثم القانونية المتعلقة بمعرفة القوانين والتشريعات المتعلقة بحماية الأسرة إضافة إلى الإجرائية من خلال معرفة طرق الوصول إلى خدمات الحماية إثر التعرض للعنف.
وأشار إلى أنّ العنف ضدّ المرأة يعدّ انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان وشكلا من أشكال التمييز ضدّها، مبينا أنّه كان من الضروري تعزيز تدابير الحماية لمكافحة هذا العنف، وقال إنّ المرافقة متعددة القطاعات وحدها التي تضمن هذه الحماية المعزّزة للنساء ضحايا العنف.
وفي هذا الجانب، ذكر بالصادق أنّ وزارة الداخلية بجميع هياكلها تعمل على حماية المرأة والتعامل معها كضحية للعنف وليست كمتضررة تحقيقا لأهداف القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة والقائم على وضع التدابير الكفيلة بالقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة من أجل تحقيق المساواة واحترام الكرامة الإنسانية باتباع مقاربة شاملة تقوم على التصدي للعنف بمختلف أشكاله عبر الوقاية وتتبع مرتكبيه ومعاقبتهم وحماية الضحايا والتعهّد بهم.
من ناحيتها، أوضحت السفيرة الممثلة المقيمة لدى برنامج الامم المتحدة الإنمائي سيلين مويرود أنّ هذا المشروع يندرج في إطار الجهود المستمرة لمكافحة العنف الأسري وتعزيز مقاربة نفسية اجتماعية في رعاية الضحايا.
وقالت إنّ العنف الأسري ليس مقتصرًا على العنف الجسدي فحسب، بل يشمل أيضًا العنف النفسي والاقتصادي والجنسي وحتى الرقمي ويطال جميع شرائح المجتمع دون تمييز، كالنساء والأطفال وكبار السن والأشخاص ذوو الإعاقة، مؤكّدة أنّها الفئات الأكثر عرضة للعنف.
وذكرت أنّ أكثر من 50% من النساء في تونس تعرضّن لشكل من أشكال العنف خلال حياتهن، وفق بيانات قدمتها السلطات التونسية.
واكّدت برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يتعاون مع وزارة الداخلية ومع مكونات المجتمع المدني وباقي الجهات المعنية لتعزيز رعاية ضحايا العنف الأسري والترويج لمقاربة شاملة تتمحور حول المرأة.
وتمّ خلال الندوة تقديم العوامل المؤدية للعنف كانعدام ثقافة الحوار وغياب دور المؤطّر داخل الأسرة والإدمان وعدم الالتزام بالمسؤولية، كما جرى تقديم بعض سبل الوقاية والتعامل مع العنف الأسري، كتعزيز الوعي المجتمعي وإنشاء آليات آمنة للإبلاغ عن العنف وتقديم بعض آليات التدخل للحماية.